الخميس، 20 فبراير 2014

المنتقدون ثلاثة؛.. يختلفون باختلاف أحجامهم



 علمتني الحياة؛ أنَّ المنتقدين لي عِندي ثلاثةُ أصنافٍ أصنفهم وِفقَ أحجامِهم:
"فأكبرهم قدراً"؛ مَن له تاريخٌ عَريض وشهامة ضاربة بجذورِها في مواقِفَ عديدةٍ، وقد سبقني بسنين وسنين في خدمة الوطن والدين، وله مآثر تتحدث عن عظيم قيمته وعلوّ قامته، فهذا الصِّنف يُلجمني قدرُه عن أنْ أرًدَّ عليه سَلباً، فلم يكن لي حينها بُدٌّ من "الردّ الإيجابي عليه"، فإما أن أعترف له بخطئي ـ إن كنتُ أخطأتُ ـ وإما أن أوضح موقفي بالتزام كامل الأدب، مُستأنسين بقول خالد بن الوليد رضي الله عنه: (والرِّجالُ؛.. تَعرِفُ قدْرَ الرِّجالِ).
و"أوْسَطُهم قدراً"؛ مَن له قيمة ما وأعتبره شخصاً لكلامه أثرٌ وصَدًى، وربما كان له أتباع أودّ أن لا يقتنعوا بكلامه فيَّ، أو أن يكون كبيراً في تخصص ما أو بين أهل فنٍّ مُعينٍ، فهذا الصِّنف "أردُّ عليه سلباً"، ـ فإن لم أكن أخطأت ـ أبينُ عورّ مضمون كلامه فيَّ، ـ وإن كنت أخطأت ـ أبينُ اعوجاج أسلوبه بالكلام، وأحرِصُ جاهداً على إقناع مَن سمِعوه بخطئه في نقده، وإن كان بالغ في الإساءة ـ وأحببت الانتقام ـ؛ أوجعه بين طياتِ رَدِّي وأردُّ الجرح بالجرح.
و"أدناهُم قدراً"؛ مَن ليست له أيُّ قيمةٍ عندي وهو أقلّ مِن مُستوى الردّ، فهذا الصِّنف "لا يصحُّ الرد عليه" البتة، فإن الردَّ على مِثلِهِ يُنزلَ من قدري ويَرفع مِن قدرِهِ ويجعلُ له شأناً ـ بعد العَدَم ـ لم يَكُن يَنبغي له.
وقد أحسَنَ الشاعِرُ إذ يقول:
إذا نطقَ السفيهُ فلا تُجِبْه * * فخَيرٌ مِن إجابتِه السكوتُ
فإنْ كلمتَهُ؛ فرَّجتَ عنه * * وإنْ خليتَهُ؛ كمدًا يَموتُ
وقال الإمام شافعي:
اصبرْ على كيدِ الحسود * * فــإِن صَـبْـركَ قـاتـلــهْ
فـالنـارُ تأكـلُ بعـضَـهـا * * إِن لـم تَـجِـدْ مـا تأكـلُـهْ
وقال الإمام شافعي:
يقابلُني السفيه بكل حُمقٍ * * فأرفض أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهة وأزيد حِلماً * * كعودٍ زادَه الإحراق طيباً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق